الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

نظام البوت

Click Here!size:20.0pt;">- Click Here!إن مشروعات البوت هي تلك المشروعات التي يقوم القطاع الخاص بتمويلها على أن تظل ملكية الحكومة أو أحدى هيئاتها العامة للمشروع قائمة ويقوم هذا القطاع بتصميم وإدارة المشروع خلال فترة زمنية معينة يرتبط فيها مع الإدارة بعقد امتياز يخول بمقتضاه الحصول على عائدات المشروع طوال فترة الامتياز ويقوم بعد انتهاء تلك المدة بتحويل ملكية المشروع إلى الحكومة في حالة جيدة ودون أي مقابل.

وكلمة B.O.T هي اختصار لثلاثة مصطلحات إنجليزية تعني البناء، التشغيل، نقل الملكية. وهي تستخدم للدلالة على المشروعات التي تمنحها الحكومة إلى القطاع الخاص عن طريق عقد امتياز لبناء وتشغيل مشروع من مشروعات البنية الأساسية والحصول على عائد هذا المشروع.

مشكلة البنية الأساسية تزايدت في الآونة الأخيرة أهمية مشروعات البوت نظراً لاتجاه أغلب الدول النامية إلى محاولة تطوير بنيتها الأساسية وتحديث مرافقها العامة. وقد وجدت حكومات هذه الدول في مشروعات البوت خير سبيل في تحقيق هذا الغرض، لأنها تجنبها مغبة اللجوء إلى الاقتراض أو الاستدانة من العالم الخارجي، في نفس الوقت الذي تحافظ فيه على ما هو موجود لديها من أرصدة أجنبية. وتمويل مشروعات البنية الأساسية بضمان عائدها من خلال اللجوء إلى هذه المشروعات يحقق تقديم الخدمات الأساسية وسد حاجات المواطنين إلى المرافق العامة كما أنه يخفف العبء عن كاهل الدولة وذلك بإقامة الفرصة لمشاركة القطاع الخاص في تمل هذا العبء وتوفير موارد الدولة لإنفاقها في أوجه المرافق العامة الأخرى. غير أن التمويل الخاص لمشروعات البنية الأساسية بهذه الوسيلة يكون غالباً غالي النفقات والتكاليف نظراً لتضمنه كثيراً من المخاطر الإضافية لمؤسسات التمويل، حيث أنه يحتاج إلى الكثير من الاستشارات القانونية والخبراء، إضافة إلى أن هذا التمويل يتضمن أطراقاً عديدة ويثيركما هائلاً من المشاكل القانونية المعقدة، ولهذا تكثر العقود والاتفاقيات التي غالباً ما تؤدي إلى تهديد تنفيذ المشروع. ومع تطور الصياغة القانونية للعقود الدولية في العقدين الأخيرين، أصبحت تلك العقود حاملة في طياتها ضمانات تنفيذها أو ما يطلق عليه أحياناً وسائل الحماية الذاتية من الإخلال بالتنفيذ. وفي ضوء هذه الملامح السابقة يتناول الكتاب النظام القانوني لمشروعات البوت من خلال عدة زوايا: الفصل الأول: ماهية مشروعات البوت والصيغة القانونية لها. الفصل الثاني تنفيذ اتفاقات البوت وجزاء الإخلال بالتنفيذ.
رغم الإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها خلال العقود الماضية في مجال البنية الأساسية، تواجه البنية الأساسية اليوم مشاكل كثيرة، فالبنية الأساسية القائمة تحتاج إلى مبالغ كبيرة جداً لصيانتها، هذا وتتطلب الاستثمارات الجديدة في البنية الأساسية مبالغ ضخمة خاصة مع التطور التكنولوجي الكبير لطرق تنفيذها وارتفاع معدلات التضخم، هذا في الوقت نفسه التي تعاني فيه موازنات الحكومات من ضغوط شديدة وعدم إمكانية زيادة الضرائب، ولا تقتصر هذه المشكلة على الدول النامية بل إنّها قائمة حتى في الدول المتقدمة.

هذا وقد تناول تقرير التنمية في العالم للعام 1994 الصادر عن البنك الدولي بعنوان البنية الأساسية من أجل التنمية هذه المشكلة بمزيد من التفصيل وخاصة في الدول النامية

ويلخص هذا التقرير أهم المشاكل التي تواجهها البنية الأساسية فيما يلي:
أ- تدني كفاءة التشغيل، ويتمثل ذلك في الضياعات في الإنتاج، وفي الاستخدام غير الفعال للعمال.
ب- عدم الاهتمام بالصيانة، والذي ينجم عن عدم ملاءمة التصميم الأساسي.
ج- تدني الكفاءة المالية، وذلك عن طريق فرض تعريفة غير مناسبة أو استخدام إدارة مالية محدودة الكفاءة.
د- عدم الاستجابة لطلب المستخدمين، وذلك نتيجة للأسباب السابقة، ويتمثل ذلك في تكرر الأخطاء في توصيل الخدمة، وفي قوائم الانتظار الكبيرة التي تطول مددها لتأمين الخدمة كالاتصالات مثلاً.
هـ- إهمال الفقر.
و- إهمال البيئة.

وقد اقترح التقرير مجموعة من الخطوات لتحسين أداء البنية الأساسية وهي:
أ- تطبيق القواعد التجارية في إدارة وتشغيل البنية الأساسية، وذلك عبر إعطاء الإدارة حرية أكبر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعريفة والالتزام بالقواعد المحاسبية، بحيث يتم الالتزام بعنصر الربحية وأخذ الصيانة والاهتلاك وغيرها في الاعتبار.
ب- المنافسة، ويمكن الاستفادة منها بين القطاعات المختلفة أو في نفس القطاع، ولا بدّ لتحقيق المنافسة من تجزيء (Unbundling) قطاعات البنية الأساسية على المستوى الرأسي، وكذلك الأفقي.
ج- مشاركة المستخدمين أو المنتفعين في القرارات المتعلقة بالبنية الأساسية، وبالتالي الاستجابة لحجم الطلب الفعلي.

ورأى التقرير أنّ هناك عوامل هامة تساعد على تطبيق هذه الخطوات، وأهمها التقدم التكنولوجي، والاتجاه الحالي إلى تحرير الاقتصاد وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص، وكذلك تزايد الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والبيئية، وأخيراً اقترح التقرير أربع خيارات تتعلق بملكية وتشغيل البنية الأساسية يمكن للحكومة النامية أن تستخدم أيّاً منها في حل مشكلة البنية الأساسية لديها وذلك وفق ظروفها الخاصة، وهذه الخيارات هي:
- الخيار أ: ملكية عامة وتشغيل من قبل القطاع العام عبر هيئات حكومية أو عامة.
- الخيار ب: ملكية عامة مع تشغيل من قبل القطاع الخاص عبر عقود إدارة أو عقود امتياز (البوت).
- الخيار ت: ملكية خاصة وتشغيل من قبل القطاع الخاص.
- الخيار ث: ملكية تعاونية وتشغيل من قبل المستخدمين والمحليات.

إن مشروعات البوت هي تلك المشروعات التي يقوم القطاع الخاص بتمويلها على أن تظل ملكية الحكومة أو إحدى هيئاتها العامة للمشروع قائمة ويقوم هذا القطاع بتصميم وإدارة المشروع خلال فترة زمنية معينة يرتبط فيها مع الإدارة بعقد امتياز يخول بمقتضاه الحصول على عائدات المشروع طوال فترة الامتياز ويقوم بعد انتهاء تلك المدة بتحويل ملكية المشروع الى الحكومة في حالة جيدة ودون أي مقابل.
وكلمة B.O.T هي اختصار لثلاثة مصطلحات إنجليزية تعني البناء، التشغيل، نقل الملكية. وهي تستخدم للدلالة على المشروعات التي تمنحها الحكومة الى القطاع الخاص عن طريق عقد امتياز لبناء وتشغيل مشروع من مشروعات البنية الأساسية والحصول على عائد هذا المشروع

23- ما هي عقود البوت B.O.T. (Build, Operate, Transfer)؟

إن ما تشهده دول العالم من نشاط إقتصادي وثورة إتصالات وما تحتاجه الدول الفقيرة (التي يطلق عليها مسمى الدول النامية) من أموال لإقام مشروعات لها ورغبة من هذه الدول في توفير هذه الأموال وعدم الوقوع في براثن الديون والقروض الخارجية وبغرض الإستفادة بالخبرات الأجنبية للشركات الدولية فقد إتجهت هذه الدول إلى ما يطلق عليه إسم عقود البوت أي البناء والإدارة والتحويل أو التملك وقد ظهر هذا النوع من التعاقد مع الولايات المتحدة وخلاصة بنود هذا التعاقد هي التعاقد مع شركات خاصة كبيرة مع حكومات دول تمنحها إمتياز للبناء وتشغيل مشروع ما والإنتفاع بمدخوله ومزاياه لفترة تعاقدية لا تقل عن 30 سنة تنتقل بعدها ملكية المشروع دون مقابل للدولة وهذه النوعية من المشاريع مثل المطارات والسكك الحديدية ومشاريع الكهرباء، ويجب أن تكون الدولة التي تدخل أو توقع هذه العقود حريصة حتى لا تسمح للشركات الأجنبية الخاصة التي تتعاقد معها بتقديم قروض وهمية والحصول على إمتيازات ليس لها حق فيها وبالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة فإن هذه النوعية من العقود غير مطروحة حيث أنه يتم إستخدام رأس المال الوطني والخبرات الوطنية مع الإستعانة بالخبرات الأجنبية في ظل ضوابط محكمة وواضحة بحيث لا تسمح بالإضرار بإقتصاد الدولة. وقد أعدت هيئة اليونيدو (UNIDO) التابعة للأمم المتحدة نماذج لهذه العقود للإستهداء بها.

________________________________________________________________________________________________________________مشكلة البنية الأساسية
رغم الإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها خلال العقود الماضية في مجال البنية الأساسية، تواجه البنية الأساسية اليوم مشاكل كثيرة، فالبنية الأساسية القائمة تحتاج إلى مبالغ كبيرة جداً لصيانتها، هذا وتتطلب الاستثمارات الجديدة في البنية الأساسية مبالغ ضخمة خاصة مع التطور التكنولوجي الكبير لطرق تنفيذها وارتفاع معدلات التضخم، هذا في الوقت نفسه التي تعاني فيه موازنات الحكومات من ضغوط شديدة وعدم إمكانية زيادة الضرائب، ولا تقتصر هذه المشكلة على الدول النامية بل إنّها قائمة حتى في الدول المتقدمة.
هذا وقد تناول تقرير التنمية في العالم للعام 1994 الصادر عن البنك الدولي بعنوان البنية الأساسية من أجل التنمية هذه المشكلة بمزيد من التفصيل وخاصة في الدول النامية، ويلخص هذا التقرير أهم المشاكل التي تواجهها البنية الأساسية فيما يلي:
- تدني كفاءة التشغيل، ويتمثل ذلك في الضياعات في الإنتاج، وفي الاستخدام غير الفعال للعمال.
- عدم الاهتمام بالصيانة، والذي ينجم عن عدم ملاءمة التصميم الأساسي.
- تدني الكفاءة المالية، وذلك عن طريق فرض تعريفة غير مناسبة أو استخدام إدارة مالية محدودة الكفاءة.
- عدم الاستجابة لطلب المستخدمين، وذلك نتيجة للأسباب السابقة، ويتمثل ذلك في تكرر الأخطاء في توصيل الخدمة، وفي قوائم الانتظار الكبيرة التي تطول مددها لتأمين الخدمة كالاتصالات مثلاً.
- إهمال الفقر.
- إهمال البيئة.
وقد اقترح التقرير مجموعة من الخطوات لتحسين أداء البنية الأساسية وهي:
- تطبيق القواعد التجارية في إدارة وتشغيل البنية الأساسية، وذلك عبر إعطاء الإدارة حرية أكبر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعريفة والالتزام بالقواعد المحاسبية بحيث يتم الالتزام بعنصر الربحية وأخذ الصيانة والاهتلاك وغيرها في الاعتبار.
- المنافسة، ويمكن الاستفادة منها بين القطاعات المختلفة أو في نفس القطاع، ولا بدّ لتحقيق المنافسة من تجزيء (Unbundling) قطاعات البنية الأساسية على المستوى الرأسي، وكذلك الأفقي.
- مشاركة المستخدمين أو المنتفعين في القرارات المتعلقة بالبنية الأساسية، وبالتالي الاستجابة لحجم الطلب الفعلي.
ورأى التقرير أنّ هناك عوامل هامة تساعد على تطبيق هذه الخطوات، وأهمها التقدم التكنولوجي، والاتجاه الحالي إلى تحرير الاقتصاد وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص، وكذلك تزايد الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والبيئية، وأخيراً اقترح التقرير أربع خيارات تتعلق بملكية وتشغيل البنية الأساسية يمكن للحكومة النامية أن تستخدم أيّاً منها في حل مشكلة البنية الأساسية لديها وذلك وفق ظروفها الخاصة، وهذه الخيارات هي:
- الخيار أ: ملكية عامة وتشغيل من قبل القطاع العام عبر هيئات حكومية أو عامة.
- الخيار ب: ملكية عامة مع تشغيل من قبل القطاع الخاص عبر عقود إدارة أو عقود امتياز (البوت).
- الخيار ت: ملكية خاصة وتشغيل من قبل القطاع الخاص.
- الخيار ث: ملكية تعاونية وتشغيل من قبل المستخدمين والمحليات.

3- مفهوم البناء والتشغيل والنقل (البوت BOT)
إنّ مفهوم البناء والتشغيل والنقل -وفق تعريف لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأنسيترال)- في أبسط أشكاله الأساسية، هو شكل من أشكال تمويل المشاريع تمنح بمقتضاه حكومة ما -لفترةٍ من الزمن- أحد الاتحادات المالية الخاصة ويدعى شركة المشروع امتيازاً لصوغ مشروع معين؛ وعندئذٍ تقوم شركة المشروع ببنائه وتشغيله وإدارته لعدد من السنوات وتسترد تكاليف البناء وتحقق أرباحاً من تشغيل المشروع واستغلاله تجارياً، وفي نهاية مدة الامتياز، تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة.
ويتضمن هذا التعريف مجموعة من الترتيبات التعاقدية المختلفة التي تندرج جميعها ضمن العنوان العريض لنظام البوت مثل (البناء والامتلاك والتشغيل BOO، البناء والتشغيل وتحديث الامتياز BOR، البناء والامتلاك والتشغيل والنقل BOOT، وغيرها…) ويبين الجدول المرافق المزيد من هذه الترتيبات التعاقدية.
أي أنّ نظام البوت يقدم حلاً لمشكلة تمويل مشروعات البنية الأساسية، وبموجبه تحصل الحكومة على مشروعٍ جاهز دون أن تلجأ إلى الاقتراض أو إلى زيادة الإنفاق الحكومي وتحميل الموازنة مزيداً من الأعباء، كما أنّ هذا النظام يقدم أسلوباً عملياً يمكن للحكومات أن تستخدمه لتحقيق عملية خصخصة القطاع العام التي تشهدها أغلب الدول النامية في الوقت الحاضر.

جدول يبين الترتيبات المختلفة التي تندرج تحت عنوان مشروع البوت (BOT)

الترتيب التعاقدي

المصطلح المختصر

باللغة العربية

باللغة الإنجليزية

البناء والتشغيل والنقل

Build, Operate and Transfer

BOT

البناء والامتلاك والنقل

Build, Own and Transfer

BOT

البناء والامتلاك والتشغيل

Build, Own and Operate

BOO

البناء والتشغيل وتجديد الامتياز

Build, Operate and Renewal of concession

BOR

البناء والامتلاك والتشغيل والنقل

Build, Own, Operate and Transfer

BOOT

البناء والتأجير والنقل

Build, Lease and Transfer

BLT

البناء والتأجير والنقل

Build, Rent and Transfer

BRT

البناء والنقل

Build and Transfer

BT

البناء والنقل والتشغيل

Build, Transfer and Operate

BTO

التصميم والبناء والتمويل والتشغيل

Design, Build, Finance and Operate

DBFO

التصميم والتشييد والإدارة والتمويل

Design, Construct, Manage and Finance

DCMF

التحديث والامتلاك/التشغيل والنقل

Modernize, Own/Operate and Transfer

MOT

إعادة التأهيل والامتلاك والتشغيل

Rehabilitate, Own and Operate

ROO

إعادة التأهيل والامتلاك والنقل

Rehabilitate, Own and Transfer

ROT


هذا ولا يمكن اعتبار نظام البوت نظاماً مبتكراً في كليّته، حيث ترجع جذوره إلى ما يعرف بعقود الامتياز التي كانت منتشرة في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في فرنسا وغيرها من الدول، حيث استخدمت فرنسا هذه العقود لتنفيذ مشروعات السكك الحديدية ومحطات الكهرباء والتزويد بمياه الشرب، كما أنّ مصر وسوريا عرفتا هذا النظام في الأربعينات حيث تمّ تزويد ضاحية مصر الجديدة بالكهرباء والماء وخطوط الترام وفق هذا النظام، كما تُعتبر قناة السويس من الأمثلة الشهيرة لعقود الامتياز في نهايات القرن التاسع عشر.
وقد اختفى هذا الأسلوب تقريباً منذ ثلاثينات هذا القرن وخاصة بالنسبة لمشروعات البنية الأساسية، واقتصر تطبيقه في مجال التنقيب عن الثروات الطبيعية وخاصة البترول، وفي منتصف الثمانينات وفي عام 1984 بالتحديد حصل تطوران مهمان على صعيد تطبيق هذا النظام، ففي هذه السنة تمّ توقيع اتفاقية تنفيذ نفق المانش (The Channel Tunnel) الذي يربط بين فرنسا وبريطانيا، وذلك بين كلٍ من الحكومتين البريطانية والفرنسية من جهة وبين شركة يوروتانال (Eurotunnel) من جهة أخرى، وكذلك دعوة رئيس الوزراء التركي آنذاك تورجوت أوزال (Turgat Ozal) لاستخدام هذا الأسلوب في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية في تركيا، ويرجع إليه استخدام التعبير (بوت BOT) لأول مرة للإشارة إلى هذا النوع من المشروعات.
ولا يقدم نظام البوت جديداً فيما يتعلق بتنفيذ مشروع التشييد من الناحية الفنية والتقنية، وإنّما يقدم إطاراً وهيكلاً تعاقدياً جديداً لتنفيذ مشروع التشييد من الناحية التنظيمية والإدارية، بحيث يتم وفقه تحميل المستثمر (المقاول) مسؤولية التصميم والتشييد التي كان يتحملها جهتين مختلفتين في النظم التقليدية لعقود التشييد، وكذلك تحميل المستثمر مسؤولية التمويل التي كانت تتحملها الحكومة في السابق. أي أنّ نظام البوت يقدم إضافةً جديدة إلى الأساليب المتاحة أمام رب العمل (الحكومة) لتنفيذ مشروع التشييد.
ويجدر بالذكر أن ظهور وانتشار البنية الأساسية في شكلها المعاصر بدأ مع ظهور مخترعات الثورة الصناعية في بدايات القرن التاسع عشر، حيث شهدت هذه الفترة انتشار السكك الحديدية كوسيلة للمواصلات، وكذلك انتشار الطاقة الكهربائية وما تلاها في فترات لاحقة من تطور الاتصالات وكذلك تمّ في هذه الفترة الاستفادة من التكنولوجيا التي وفرتها الثورة الصناعية في بناء قطاعات البنية الأساسية الأخرى.
أما من ناحية تمويل البنية الأساسية فقد مرّ بمراحل منتظمة في مختلف دول العالم، عبر تأثره بالأفكار والنظريات الاقتصادية التي تطورت خلال هذه المراحل، ويستثنى من ذلك بعض الحالات الخاصة، ويمكن القول بشكلٍ عام أنّ تمويل مشروعات البنية الأساسية مرّ بأربعة مراحل هي:
أولاً- مرحلة الحرية الاقتصادية الكاملة
امتدت هذه المرحلة منذ بدايات القرن التاسع عشر واستمرت حتى منتصفه، وهي المرحلة التي شهدت الثورة الصناعية في أوروبا، حيث بدأ ظهور المبادرات الفردية وتطور المشروعات الصغيرة الممولة من قبل الأفراد والأسر، كما ظهرت مشروعات البنية الأساسية كالسكك الحديدية وتزويد المدن بالغاز والفحم وتوزيع البريد، عبر مؤسسات صغيرة الحجم كثيرة العدد تعمل برؤوس أموال صغيرة.
وتميزت هذه المرحلة بالحرية الاقتصادية الكاملة والتمويل الكامل للبنية الأساسية من قبل القطاع الخاص وخاصة في بريطانيا مهد الثورة الصناعية، وذلك اتباعاً للنهج الاقتصادي الذي وضعه آدم سميث العالم الاقتصادي الشهير في كتابه ثروة الأمم (The Wealth of Nations).
ثانياً- تنظيم وتقنين البنية الأساسية
استمرت هذه المرحلة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية، حيث ازدهرت مشروعات البنية الأساسية بشكلٍ كبير وانتشرت السكك الحديدية وطرق المواصلات والمطارات، وكذلك بدأ استخدام الطاقة الكهربائية على نطاق واسع وامتدت شبكات الكهرباء والاتصالات الهاتفية والمياه عبر مساحات كبيرة من العالم.
وأدركت مختلف حكومات العالم أهمية البنية الأساسية وارتباطها بالتطور الاقتصادي وبرفاهية المجتمع، كما أدركت مخاطر تحول مزودي البنية الأساسية إلى محتكرين وبالتالي تحكمهم في الأسعار وتحقيق أرباح كبيرة على حساب مستخدمي البنية الأساسية، إضافةً إلى سعي المستثمرين إلى تشييد مشروعات البنية الأساسية في المناطق الحضرية وابتعادهم عن المناطق الريفية الفقيرة.
نتيجةً لذلك سعت الدول المختلفة في هذه المرحلة لوضع القوانين والنظم التي تنظم هذا القطاع والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية المستهلكين، وكذلك توجيه البنية الأساسية بالشكل الذي يخدم الاقتصاد القومي ككل وليس فئات محددة من المستثمرين، وكذلك عملت بعض الحكومات على تقديم تسهيلات للمستثمرين لتشييد المزيد من مشروعات البنية الأساسية في مناطق مختلفة كمنحهم الأراضي والإعفاءات الضريبية وتوقيع عقود امتياز طويلة الأجل معهم.
ولا تعتبر الدول العربية استثناءً في هذه المرحلة، فقد شهد الوطن العربي في هذه المرحلة انتشار مشروعات كبيرة للبنية الأساسية أهمها شق قناة السويس في مصر التي تعتبر من أضخم مشروعات الهندسة المدنية في العصر الحديث، وكذلك انتشار السكك الحديدية التي بدأ استخدامها في مصر عام 1851، وازدادت لتصل إلى 1518 كيلومتراً بحلول عام 1882.
كما انتشرت السكك الحديدية في المغرب العربي وتلاها المشرق العربي الذي كان خاضعاً للحكم العثماني في هذه الفترة، وذلك عبر عقود امتياز كان يحصل عليها المستثمرون لتشييد مشروعات البنية الأساسية.
ومع حلول القرن العشرين خضعت معظم الدول العربية للاستعمار الأوروبي الذي عمل على ربط اقتصادياتها باقتصاده، وقام بتشييد المشروعات التي تخدم أهدافه الاستعمارية عبر شركات وطنية للدول المستعمرة.
أما تمويل مشروعات البنية الأساسية فقد كان يتم في معظمه من قبل القطاع الخاص، وذلك في مختلف الدول، واقتصر دور الحكومات في هذه المرحلة على تنظيم هذا القطاع من خلال إصدار القوانين التي تهدف إلى تحديد الأسعار ومنع الاحتكار وبالتالي حماية جمهور المستهلكين (المنتفعين) من الخدمة.
ثالثاً- تأميم البنية الأساسية وزيادة التدخل الحكومي
تلت هذه المرحلة الحرب العالمية الثانية واستمرت حتى الفترة ما بين منتصف السبعينات والآن بشكلٍ متباين في دول العالم المختلفة، ففي أوروبا التي دمرت الحرب قطاعات واسعة من بنيتها الأساسية تولت الحكومات مسؤولية إعادة بناء وتأهيل البنية الأساسية، وقامت بريطانيا التي وصلت حكومة حزب العمال إلى السلطة فيها بتأميم محطات وشبكات الطاقة الكهربائية والاتصالات، وفي دول العالم الثالث والدول العربية لم يكن الأمر مختلفاً، حيث قامت الحكومات الوطنية التي تشكلت في هذه الدول بتأميم معظم قطاعات البنية الأساسية كما حدث في مصر بعد ثورة يوليو وتأميمها لقناة السويس وغيرها من المشروعات الكبيرة.
وقامت معظم حكومات العالم بتأسيس شركات ومؤسسات حكومية لتشكيل ما يعرف اليوم بالقطاع العام، والذي ساهم في بناء وتشغيل البنية الأساسية خلال هذه الفترة، أما التمويل فكان على الأغلب تمويلاً حكومياً مباشراً من موازنة الحكومة التي تنجم عن الواردات الحكومية من الضرائب والرسوم وغيرها، وساعد على نمو هذا الاتجاه النظريات الاقتصادية والأفكار الاشتراكية التي انتشرت في هذه المرحلة وتطبيق مبدأ الدولة المتدخلة.
رابعاً- العودة إلى مشاركة القطاع الخاص
بدأت هذه المرحلة مع اتساع مساهمة القطاع الخاص في البنية الأساسية في مرحلة الثمانينات وذلك في مختلف قطاعات البنية الأساسية كالصرف الصحي، الطاقة الكهربائية، المياه، النقل، الاتصالات…، وترجع جذور الخصخصة (Privatization) إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت عملية إعادة الهيكلة في السبعينات وما تلاها من الخبرات في عملية الخصخصة التي تشكلت لدى بريطانيا وتشيلي ونيوزيلندة والتي تمت خلال الثمانينات.
ومنذ عام 1984 وحتى سبتمبر (أيلول) 1995 قامت 86 دولة بخصخصة 547 شركة للبنية الأساسية وكذلك مشاركة القطاع الخاص في تمويل 574 مشروعاً جديداً للبنية الأساسية في حوالي 82 دولة. وبلغت قيمة ما تّم خصخصته 357 بليون دولار أمريكي، كما أنّ القطاع الخاص ساهم في تمويل مشروعات جديدة للبنية الأساسية بقيمة 308 بلايين دولار أمريكي مما يعني استثمارات سنوية من القطاع الخاص تساوي 60 بليون دولار. هذا ويتوقع استمرار هذا الاتجاه في تمويل مشروعات البنية الأساسية وزيادته وربما مضاعفته مع بداية القرن الجديد.
وكأنّ مراحل تمويل البنية الأساسية تدور في حلقة مستمرة للتأميم الخصخصة.
وتعد الترتيبات التعاقدية لمشروع البوت ترتيبات معقدة تشارك فيها حكومة الدولة المضيفة، وشركة المشروع وهو الاسم الذي يُطلق على الكيان الذي يشكله المستثمر الخاص لتنفيذ المشروع، وتقوم بتوفير التمويل اللازم للمشروع، والمموّلون الذين يقومون بتقديم القروض لشركة المشروع بضمان اتفاقية المشروع وآلات ومعدات شركة المشروع، والعنصر الأهم هو العائد الذي سيحققه المشروع من خلال بيع الخدمة التي ينتجها المشروع للمستهلك، وشركة التشييد (المقاول) والذي يتولى تنفيذ أعمال التشييد في المشروع.
ويتضمن نظام البناء والتشغيل والنقل (البوت) مجموعة من الترتيبات التعاقدية، وهي:
1- اتفاقية تنفيذ المشروع (اتفاقية المشروع)، ويتم توقيعها بين الحكومة أو إحدى وزاراتها وشركة المشروع.
2- اتفاقيات خاصة مع هيئات حكومية، وتبرم هذه الاتفاقيات بين شركة المشروع من جهة وبين بعض الهيئات الحكومية المرتبطة بالمشروع، وتهدف إلى إتمام اتفاقية تنفيذ المشروع، وتختلف هذه الاتفاقيات باختلاف المشروع، ومن هذه الاتفاقيات مثلاً، في مشروعات محطات الطاقة الكهربائية: اتفاقية شراء الطاقة، واتفاقية توريد الوقود، واتفاقية حق الانتفاع بالأرض.
3- اتفاقية اتحاد الشركات (الكونسورتيوم Consortium)، وتتم بين مجموعة الشركات المتحدة لتنفيذ المشروع عبر تكوين شركة المشروع.
4- عقود التمويل، بين شركة المشروع ومصادر التمويل المختلفة.
5- عقد التشييد، ويتم توقيعه بين شركة المشروع وشركة التشييد أو المقاول.
6- عقد توريد المعدات، ويتم توقيعه بين شركة المشروع ومورد الآلات والمعدات، ويمكن أن يكون هذا العقد متضمناً في عقد التشييد نفسه.
7- عقود أخرى، مثل عقود التشغيل والصيانة، وعقود التأمين، والضمانات.

4- فوائد وعيوب استخدام نظام البوت
يحقق استخدام نظام البوت لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية فوائد كبيرة للحكومة، إلا أنّه ليس الحل المثالي لمشكلة مشروعات البنية الأساسية، وعلى الحكومة أن تتبنى سياسة واضحة فيما يتعلق بنوعية المشروعات التي يمكن أن تنفذ عن طريق هذا النظام والمشروعات التي سيتم تنفيذها باستخدام أسلوب التمويل العادي الذي تتولى فيه الحكومة تمويل المشروع من مواردها الخاصة أو من القروض التي تضمنها.
ويمكن إجمال فوائد استخدام نظام البوت للحكومة في الفوائد التالية:
- استخدام القطاع الخاص في تمويل المشروع يؤدي إلى كسب مورد جديد للحكومة وبالتالي يؤدي إلى خفض الإنفاق والاقتراض الحكومي.
- يمكن هذا النظام الحكومة من تنفيذ المشروعات التي كانت تؤجلها حتى توفر التمويل اللازم.
- يؤدي استخدام القطاع الخاص في تنفيذ هذه المشروعات إلى تحقيق الابتكار وتقليل الهدر وخفض تكاليف المشروع وزيادة كفاءة التشغيل.
- تحصل الحكومة على مشروع جاهز ومتكامل في نهاية فترة الامتياز دون تحمل أية أعباء.
- يُعطي تمويل المشروع من قبل هيئات التمويل الدولية للحكومة مؤشراً هاماً فيما يتعلق بالجدوى الاقتصادية للمشروع.
- يمكن استخدام نظام البوت في الإسهام في نقل التكنولوجيا إلى بلد المشروع وفي تدريب الكوادر المحلية.
- يبقى مشروع البوت من الناحية الاستراتيجية تحت نظر الحكومة ويتم توجيهه لخدمة الصالح العام.
- قيام المنافسة بين الهيئات العامة القائمة التي تقدم نفس الخدمة، وبين المشروع يؤدي إلى زيادة كفاءة هذه الهيئات وإنتاجيتها.
- يعطي أسلوب البوت للحكومة وسيلة عملية يمكن استخدامها في برامج الخصخصة التي تتبعها معظم دول العالم اليوم.
أما عيوب هذا النظام فيمكن حصرها في النقطتين التاليتين:
- بالرغم من الفائدة التي يحققها مشروع البوت بالتخفيف من أعباء الضرائب على مستخدمي المشروع، فإنّ النفقات التي يتكبدها هؤلاء والمتمثلة في الإنفاق مقابل الخدمة التي يقدمها المشروع قد تتجاوز ما يحققه المشروع من وفر وخاصةً على المدى البعيد.
- تراجع سيطرة الحكومة على مراحل المشروع المختلفة، وبالتالي عدم التأكد من مطابقة المشروع للمعايير والكودات المحلية بالنسبة للتصاميم والمواصفات والعمالة.

يتضمن نظام البناء والتشغيل والنقل (البوت) مجموعة من الترتيبات التعاقدية، وهي:
1- اتفاقية تنفيذ المشروع (اتفاقية المشروع)، ويتم توقيعها بين الحكومة أو إحدى وزاراتها وشركة المشروع.

2- اتفاقيات خاصة مع هيئات حكومية، وتبرم هذه الاتفاقيات بين شركة المشروع من جهة وبين بعض الهيئات الحكومية المرتبطة بالمشروع، وتهدف إلى إتمام اتفاقية تنفيذ المشروع، وتختلف هذه الاتفاقيات باختلاف المشروع، ومن هذه الاتفاقيات مثلاً، في مشروعات محطات الطاقة الكهربائية: اتفاقية شراء الطاقة، واتفاقية توريد الوقود، واتفاقية حق الانتفاع بالأرض.

3- اتفاقية اتحاد الشركات (الكونسورتيوم Consortium)، وتتم بين مجموعة الشركات المتحدة لتنفيذ المشروع عبر تكوين شركة المشروع.

4- عقود التمويل، بين شركة المشروع ومصادر التمويل المختلفة.

5- عقد التشييد، ويتم توقيعه بين شركة المشروع وشركة التشييد أو المقاول.

6- عقد توريد المعدات، ويتم توقيعه بين شركة المشروع ومورد الآلات والمعدات، ويمكن أن يكون هذا العقد متضمناً في عقد التشييد نفسه.

7- عقود أخرى، مثل عقود التشغيل والصيانة، وعقود التأمين، والضمانات.

4- فوائد وعيوب استخدام نظام البوت
يحقق استخدام نظام البوت لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية فوائد كبيرة للحكومة، إلا أنّه ليس الحل المثالي لمشكلة مشروعات البنية الأساسية، وعلى الحكومة أن تتبنى سياسة واضحة فيما يتعلق بنوعية المشروعات التي يمكن أن تنفذ عن طريق هذا النظام والمشروعات التي سيتم تنفيذها باستخدام أسلوب التمويل العادي الذي تتولى فيه الحكومة تمويل المشروع من مواردها الخاصة أو من القروض التي تضمنها.

ويمكن إجمال فوائد استخدام نظام البوت للحكومة في الفوائد التالية:
1- استخدام القطاع الخاص في تمويل المشروع يؤدي إلى كسب مورد جديد للحكومة وبالتالي يؤدي إلى خفض الإنفاق والاقتراض الحكومي.

2- يمكن هذا النظام الحكومة من تنفيذ المشروعات التي كانت تؤجلها حتى توفر التمويل اللازم.

3- يؤدي استخدام القطاع الخاص في تنفيذ هذه المشروعات إلى تحقيق الابتكار وتقليل الهدر وخفض تكاليف المشروع وزيادة كفاءة التشغيل.

4- تحصل الحكومة على مشروع جاهز ومتكامل في نهاية فترة الامتياز دون تحمل أية أعباء.

5- يُعطي تمويل المشروع من قبل هيئات التمويل الدولية للحكومة مؤشراً هاماً فيما يتعلق بالجدوى الاقتصادية للمشروع.

6- يمكن استخدام نظام البوت في الإسهام في نقل التكنولوجيا إلى بلد المشروع وفي تدريب الكوادر المحلية.

7- يبقى مشروع البوت من الناحية الاستراتيجية تحت نظر الحكومة ويتم توجيهه لخدمة الصالح العام.

8- قيام المنافسة بين الهيئات العامة القائمة التي تقدم نفس الخدمة، وبين المشروع يؤدي إلى زيادة كفاءة هذه الهيئات وإنتاجيتها.

9- يعطي أسلوب البوت للحكومة وسيلة عملية يمكن استخدامها في برامج الخصخصة التي تتبعها معظم دول العالم اليوم.
أما عيوب هذا النظام فيمكن حصرها في النقطتين التاليتين:
1- بالرغم من الفائدة التي يحققها مشروع البوت بالتخفيف من أعباء الضرائب على مستخدمي المشروع، فإنّ النفقات التي يتكبدها هؤلاء والمتمثلة في الإنفاق مقابل الخدمة التي يقدمها المشروع قد تتجاوز ما يحققه المشروع من وفر وخاصةً على المدى البعيد.
2- تراجع سيطرة الحكومة على مراحل المشروع المختلفة، وبالتالي عدم التأكد من مطابقة المشروع للمعايير والكودات المحلية بالنسبة للتصاميم والمواصفات والعمالة.

مثال

بدأ المسؤولون الاردنيون, استخدام هذا الاصطلاح من لغة الاعمال وسوف يستخدمونه, كثيرا في المرحلة المقبلة, ففي الحديث عن المشاريع الكبرى التي تحتاج الى تمويل ضخم, من جرّ مياه الديسي الى نقل ميناء العقبة الى بناء مجمع للوزارات والدوائر الحكومية.. الخ, يتم حسم النقاش حول تمويل هذه المشاريع واولويتها وبدائها في ضوء عجز الموازنة العامة ومشكلة المديونية المتفاقمة, بهذا الاصطلاح السحري. بوت!! على نظام بوت!! وكان المستثمر - وهو, عادة, اجنبي - سوف يموّل هذه المشاريع على سبيل الهدية.. كادو!!.

سوف يلتجم المواطن, والنائب قليل الخبرة, والصحافي الذي يظن الشأن الاقتصادي طلسما, امام عباقرة الليبرالية الجديدة, قائلين في سرهم: آه...

نظام بوت هو واحد من اسوأ الاشكال التي تستخدمها الرأسمالية العالمية المتوحشة, لاستغلال العالم الثالث التي تفتقر حكوماته الى الاموال, بينما بلغت مديونياتها سقفا من الصعب تجاوزه. وهو يعتمد على قيام المستثمر بتمويل وانشاء وتشغيل المرفق المبوّت - من بوت - لمدة كافية - لا تقل عادة عن عشرين عاما - لاسترداد رأسماله زائدا الفوائد البنكية على التمويل زائدا الارباح. وعندها يتم تمليك المرفق المعني لحكومة البلد المضياف, لكن, بعد ان يكون المرفق قد استهلك فعليا, واصبح في حاجة للتجديد, ولاستثمارات جديدة, يتم تمويلها, مرة اخرى, على نظام البوت. وفي حالة اعتماد المرفق المبوّت على مصادر طبيعية قابلة للنضوب, مثل مياه الديسي, فان نهاية فترة التبويت تترافق, على الاغلب, مع نضوب المصدر الطبيعي, بحيث تغدو الانشاءات بلا قيمة.

وتلجأ حكومات العالم الثالث الخاضعة لسيطرة الجماعات الليبرالية الجديدة المرتبطة بالرأسمالية العالمية, الى نظام البوت, من اجل -1- تخطي القيود القانونية والبرلمانية والسياسية على الاقتراض الحكومي والانفاق خارج الموازنة العامة مع تحميل الخزينة الاعباء الناجمة عن مشاريع البوت. وعلى سبيل المثال, فان انشاء مجمع للدوائر الحكومية على نظام البوت, يعني تحييد قانون الدين العام والمجلس النيابي وقانون الموازنة العامة, وفي الوقت نفسه تحميل الخزينة اعباء الايجارات العقارية الباهظة للمجمع المبوّت -2- الخصخصة المسبقة للمشاريع وخصوصا شطب المنشآت العاملة لحساب منشآت جديدة مملوكة من قبل المستثمرين الاجانب. وهنا, نلاحظ نمطا جديدا من الخصخصة لا يبيع منشأة قائمة مثل ميناء العقبة, بل يشطب الميناء القائم كليا, ويمنح المستثمر الاجنبي العقارات البحرية والتسهيلات والدعم المالي لانشاء ميناء جديد يشغله ذلك المستثمر لحسابه رابحا على حساب موارد الخزينة -3- »تجميل« وتمرير التسهيلات والمنح العقارية, والدعم المالي للمستثمرين الاجانب -4- التجاوز على الاولويات الوطنية في اقتراح مشاريع غير ضرورية اطلاقا, او ليس لها الاولوية وتستفيد منها فئة محدودة من الوكلاء المحليين للرأسمال الاجنبي وملاك الاراضي.

وهناك, بالطبع, مشاريع لها اولوية, مثل جر مياه الديسي. ولكن, بالحسابات البسيطة, يظهر ان انشاء هذا المشروع بنظام البوت, وهي بمثابة هدية تقدمها الحكومة الاردنية لمستثمر اجنبي متطلب وقاس, وسوف يحصل على الامتياز مجانا, بالاضافة الى التسهيلات والعقارات والدعم المالي, ليقوم, بعدئذ, ببيع المياه - وهي مصدر طبيعي وطني - للحكومة باسعار استغلالية, تضمن له الفوائد والارباح على »استثماره« في خدمة مطلوبة ومضمونة البيع سلفا.

بالخلاصة نقول ان نظام بوت هو نظام للمديونية المقنعة, والخصخصة المسبقة, وخريطة الاولويات ومنح المستثمرين الاجانب, فرصة استغلال البلد.

البديل الوطني عن نظام البوت, هو نظام الشركات الوطنية المختلطة التي تقوم على الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص المحلي, وتحشد المدخرات الوطنية من خلال بيع الاسهم للمواطنين. وعندها, فأن تقديم التسهيلات الحكومية والدعم لهذه الشركات, سوف يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني, وستكون الكلفة الاجمالية للمشاريع ذات الاولوية, اقل من كلفة نظام البوت, بينما تذهب عوائدها للخزينة والمستثمر المحلي والمواطن, بدلا من تحويلها الى الخارج.

للاسف, لم تناقش ابدا امكانية تأسيس شركة وطنية لمياه الديسي بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص, بينما تثقل السيولة والادخارات الوطنية, كاهل الجهاز المصرفي الاردني. والطريف - المؤلم - ان المستثمر الاجنبي يدخل تلك السيولة والمدخرات, في حساباته, ويضع في خططه تمويل المشروع المبوّت بأموال البنوك الاردنية, كليا او جزئيا. هكذا, نكون قدمنا للمستثمر الاجنبي الامتيازات والعقارات والاحتكارات والدعم المالي والتمويل ايضا!!.


بدلا من نقل المياه إلى عمان لماذا لا نفكر بإعمار الجنوب ونقل أهل عمان المزدحمة إليه، أو على أقل تقدير، وقف هجرة أهل الجنوب إلى عمان بحثا عن الرزق صعب المنال. \r\nفهكذا نعمر وطننا ، ولا نترك رقاع شاسعة المساحة كتيرة الموارد (مياه، فوسفات، سياحة، وممكن يورانيوم) خاوية من البشر عرضة للأعداء. والأمر نفسه ينطبق على مياه وادي الأردن فنقلناها من الموجب وزرقاء ماعين وغيرها إلى عمان، مقابل حل مؤقت لمشكلة لا تحل إلا بالتعقل ووضع إستراتيجبة طويلة الأمد لتوسع مراني ومخطط لإستعمالات الأراضي مبني وفق منظور وطني يربط البشر بالموارد الطبيعية بدلا من المنظور العقاري. والله من وراء القصد.

تم الاسترجاع من

http://www.homekw.com/bet/showthread.php?t=292

BUILDEXONLINE_COM

مقالة لهاشم عوض مستشار قانونى

Click Here!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق